على اثر حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة خرج الكثيرون يتحدثون عن اباحة حرق الأعداء أحياء ؛استنادا لروايات نسبت الى أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ خليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فما حقيقة ذلك . قال ابن عبد البر في الاستيعاب (2/776):1299 طريفة بن حاجز مذكور فيهم ،قال سيف بن عمر :الذي كتب اليه أبو بكر الصديق في قتال الفجاءة السلمي الذي أحرقه أبو بكر بالنار ،فسار طريفة في طلب الفجاءة وكان طريفة بن حاجز ،وأخوه معن بن حاجز ،مع خالد بن الوليد ،وكان مع الفجاءة نجبة بن أبي الميثاء ،فالتقى نجبة وطريفة فتقاتلا ، فقتل الله نجبة على الردة ،ثم سار حتى لحق بالفجاءة السلمي ،واسمه اياس بن عبد الله بن عبد ياليل فأسره ،وأنفذه الى أبي بكر ،فلما قدم به عليه أوقد له نارا ،وأمر به فقذف فيها حتى احترق . وسيف بن عمر هذا هوسيف بن عمر التميمي ،قال عنه ابن حبان يروي الموضوعات عن الأثبات وقالوا أنه كان يضع الحديث واتهم بالزندقة ،ويقول عنه الحاكم النيسابوري اتهم سيف بالزندقة وهو بالرواية ساقط،وقال عنه النسائي ضعيف ،وقال عنه أبو داود ليس بشيئ ،وقال بن أبي حاتم متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي ،ويقول عنه ابن معين ضعيف الحديث فليس فيه خير ،وأما ابن عدي فيقول بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها . وقال حميد بن زنجوية في الأموال 430 ـ ثنا عثمان بن صالح ،أنا الليث بن سعد ،أنا علوان عن صالح بن كيسان ،عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أباه عبد الرحمن بن عوف ،دخل على أبي بكر الصديق ـ رضوان الله عليه ـ في مرضه الذي قبض فيه ،فرآه مفيقا ،فقال :أما اني لا آسى من الدنيا الا على ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن ،وثلاث تركتهن وددت لو أني كنت فعلتهن ،أما الاتي وددت أني تركتهن ،فوددت أن لم أكن فعلت كذا وكذا لشئ ذكره ،وددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي ،ليتني قتلته سريحا ،ولم أحرقه بالنار،ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين عمر بن الخطاب ،أوأبي عبيدة بن الجراح ،فكان أحدهما أميرا ،وكنت أنا وزيرا،وأما اللاتي تركتهن ،فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس الكندي أسيرا كنت ضربت عنقه ، فانه يخيل الي أنه لا يرى شرا الا أعان عليه ،وددت أني حين سيرت خالد بن الوليد الة أهل الردة ،كنت أقمت بذي القصة ،فان ظفر المسلمون ظفروا ،وان هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد ،وددت أني كنت اذ وجهت خالدا الي الشام وجهت عمر بن الخطاب الى العراق ،فكنت قد بسطت يدي كليهما في سبيل الله. هذا الخبر استنكره العقيلي على علوان في الضعفاء حيث قال "ولا يعرف علوان الا بهذامع اضطراب الاسناد ،ولا يتابع عليه،وقال البخاري عنه منكر الحديث . قال البلاذري في فتوح البلدان 282:وأخبرني داود بن حبال الأسدي ،عن أشياخ من قومه ،ثم سرد أخبارا من أخبار الردة ،وفيها 285 ـ قالوا :وأتى الفجاءةوهو بجير بن اياس بن عبد الله السلمي ،أبا بكر فقال احملني وقومي أقاتل المرتدين ،فحمله وأعطاه سلاحا ،فخرج يعترض الناس فيقتل المسلمين والمرتدين ،وجمع جمعا ،فكتب أبو بكر الى طريفة بن حاجزة أخي معن بن حاجزة يأمره بقتله ،فقاتله وأسره بن حاجزة ،فبعث به الى أبي بكر ،فأمر أبو بكر باحراقه في ناحية المصلى ،ويقال ان أبا بكر كتب الى معن في أمر الفجاءة ،فوجه معن الى طريفة أخيه فأسره . أما داود شيخ البلاذري فليست له ترجمة ولا أي رواية ولا شك أن أشياخه لم يبلغوا حروب الردة ،فالسند معضل ثم انه لم يسم أشياخه هؤلاء ففيه جهالة واعضال شديد ، وبذلك يتبين أن أمر احراق أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ للفجاءة السلمي ما هو الا محض افتراء ،لتشويه صورة الصديق والله المستعان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق